بناء الإنسان أولا

بناء الإنسان أولا

 

قرأت قصّة قصيرة وفعت في الماضي في بلاد  الصين  نبّهتني إلى أنّ مداخل النّفس والقلب والفكر ليست بمأمن دائم. تقول القصة : في الصّين أراد الشّعب أن يعيش بأمان، فبنوا سور ضخم، حول المدينة  سورلا يُهدَم ولا يمكن تسلّقه… ولكن!! خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السّور، تعرّضت الصّين للغزو ثلاث مرّات!! وقد لوحظ أنّ الغزو من قبل جيوش العدو وعلى مدخل  سورا لمدينة الأساسي يوجد حرّاس يراقبون الدّاخلين إلى المدينة والخارجين منها، ووظيفتهم الإنتباه إلى نوعيّة الأشخاص القادمين إلى المدينة… أيضًا على أعلى السّور ينتشر عدد من الحرّاس يراقبون الآتين من بعيد قبل وصولهم إلى مدخل المدينة، فإذا رأوا أمرًا خطرًا قادمًا، ينبّهون الحراس  بالحطر القادم، لكن العدوا في كلّ مرّة يدفع الرّشوة لحارس الباب.. فيدع جيش العدوّ يدخل.الى المدينة.

لقد انشغل الصّينيّون ببناء السّور ونسوا بناء الحارس بناء الإنسان قبل بناء سورالمدينة.

هكذا عيوننا وأفكارنا وقلوبنا.. تراقب كلّ ما حولنا.. تفرّق بين الخطأ و الصّواب وتجعلنا نقيّم أفعالنا وأقوالنا، وتجنّبنا الوقوع في الخطأ.ونبني الإنسان با الإيمان..

أن نبني أنفسنا، يعني أن ندرّب أعيننا وأفكارنا وقلوبنا على الرّؤية الصّائبة، والفكر الواعي وإدراك الخطأ ورفضه… وذلك بالعودة إلى الإيمان والصّلاة… وحين نثبت في الإيمان ونكبر بمحبّة الرّبّ وحكمته… حينها فقط يمكن للإيمان الّذي فينا أن يهزم الطّبيعة البشريّة الخاطئة الّتي ولدنا فيها وأن نحمي نفوسنا ومجتمعنا من حولنا من هجمات الشيطان.

بناء الإنسان قبل بناء الأوطان هو مطلب إنساني وايضا مطلب كتابي والسيد المسيح له المجد جآء لهذ الغرض لتربية الروح والعقل، بدأ ببناء الإنسان، بتحرير العقول من الاوهام ومن ومن العبودية من التخلف لا يكتمل بناء الوطن الا بالعمل على بناء الإنسان وتطويره

لقد بعث الله السيد من أجل  خلاص الإنسان وبيان طريق الإيمان والهداية، التي تزكي النفس وتأخذ بيد الإنسان نحو النجاة والفلاح، وحذره كذلك من سلوك طرق الضلال ودروب السوء ، التي تجعله يحصد الشقاء و الثمرات المرّة .

كل مشروع لا يقوم على حسن بناء الإنسان وإعداده، سيكون في متاهة العبث، وسيحصد نتائج الفشل، وكل مشروع ينجح في هذه الأولوية سيكون قادراً على المضي في مشوار النجاح وتحقيق الانتصارات بناء العباد قبل بناء البلاد..

تسعى الدول والحركات والأحزاب والجماعات  لخلق وأعداد الإنسان، يجب كل منها يدعي قدرتها على بناء الإنسان، وأنها تتوفر على برامج قادرة على إيجاد الكفاءات المؤهلة لقيادة المجتمع وإدارة الدولة، في كل مجالات الحياة ، إما العقيدة المسيحية فتسعى لبناء الإنسان من الداخل ليتمتع بصفاء الروح وجمال الخلق وتزكية النفس الأمارة با لسؤ كي يكون عندنا الإنسان الصالح، لبناء مجتمع صالح صامد ومحمي من أي نقط ضعف يدخل منها الشرير والأشرار..

المشروع الأول والأكثر أهمية، والذي جاء المسيح لأجله يتمثل  في ببناء الإنسان بناءً سليماً متكاملاً عقلاً ووجداناً، ونفساً وروحاً. يعلمنا السيد المسيح أن فعل الصلاح ينبع من داخل الإنسان ولا يُفرَض عليه من الخارج بفرائض.وشرائع بهدا يستطيع المؤمن ان يميز بين الأمور الشريرة والصالحة.

“اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” (لو 6: 45).

 

اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: [مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلَهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ]. لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ. لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ فِي الدُّجَى وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ وَرَبَوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. المزامير 91: 1-6

“اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ.” (أم 18: 10

حمايتنا تأتي من الله. الذين يثقون في الرب يجدونه حاميًا قويًا في أوقات الهجوم الجسدي والروحي وفي مواقف الخطر بجميع أنواعها. “هُوَ تُرْسٌ لِمَنْ يَحْتَمُونَ بِهِ” (مزمور 18: 30). وإليك بعض المقاطع الأخرى التي تؤكد على حماية الله:إن الوعد بالحماية على حماية الله الروحية ضد أعداء نفوسنا. أعطانا الله سلاحًا روحيًا من أجل حمايتنا الروحية (أفسس 6: 10-18) وسلامه ليحفظ قلوبنا وعقولنا (فيلبي 4: 7).

المسيح له المجد جاء ل “إعادة بناء الإنسان” و بناء الإنسان من أصعب واشق العمليات ولكنها في الوقت ذاته مهمة جدا ولابد منها , فلا  يمكن ان يتخيل التقدم إن لم يكن الإنسان نفسه متقدم , ولا يتخيل تطور إن لم يكن الإنسان متطور وقابل لتطوير قدراته وتنميتها , ولا يتخيل تغيرا في المجتمع بكامله إن لم يقابله تغير في فكر وعقل من يراد منه إحداث التغير في المجتمع , لذا كان لزاما على الإنسان أن يحرص على بنا ء نفسه

لا نخاف من أي مقاومة ولا نخاف الفشل، فالله هو الذي يبني البيت ويحرس المدينة. وكما فعل نحميا، علينا أن نجاهد ونبني والله يقود العمل ويحرسه. وعلينا أن نعرف أن جهادنا كله هو كلا شيء بدون المعونة الإلهية. ومن يعتمد على ذاته لاكتساب أي فضيلة يفشل.

لا نخاف من أي مقاومة ولا نخاف الفشل، فالله هو الذي يبني البيت ويحرس المدينة. وكما فعل نحميا، علينا أن نجاهد ونبني والله يقود العمل ويحرسه. وعلينا أن نعرف أن مجهودنا كله هو لا شيء بدون المعونة الإلهية. ومن يعتمد على ذاته ويتكتل على مجهوداته من ذكاء وفطنة وشطارة ومعرفة لحماية نفسه من الشيطان واعداء الإيمان سوف يشفشل ، وهذا الكلام لاينفي ويلغي مسؤوليتنا على مراقبة حياتنا

“تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ.” (أم 3: 5).

الشخص المسيحي المؤمن يدرك أن حياته على هذه الأرض مسئولية.على حياته وسيسأله الله كيف كانت حياته هل كانت مثمرة، ومنتجة، ونافعة لكل من أتصل بها سيسأله الله عما فعل، وعما كان بإمكانه أن يفعله ولم يفعله.والشخص الروحي يسأل نفسه، قبل أن يسأله الله: ماذا فعل تجاه كل من يعرفهم من الناس.

“بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا” (يو5:15) هكذا قال السيد المسيح له المجد.

“تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ.” (أم 3: 5).

يقول الكتاب: يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَلْتَفِتُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ إِلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاماً.  سفراَلْعَدَد 6:‏24-‏26 ختاما نقول مع داود النبي:

“إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلًا يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ. إِنْ لَمْ يَحْفَظِ الرَّبُّ الْمَدِينَةَ، فَبَاطِلًا يَسْهَرُ الْحَارِسُ.” (مز 127: 1).

من اعداد.أ. ابود رار

المشاركة:
آخر المقالات
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x