
الدين والأديان
إن كلمة الدين من أكثرالكلمات استعمالا في القديم والحديث،ومن أكثرها شويوعيا وانتشارا ،
الدين فطرة في الانسان،وأن التديّن هو غريزة ملازمة للإنسان منذ أن وجد الإنسان على الارض .
نقراء ماورد في سفر التكوين الفصل الرابع: 1 وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ».2 ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ، وَكَانَ قَايِينُ عَامِلًا فِي الأَرْضِ.3 وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ،4 وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ،5 وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ.6 فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟7 إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا»
8 وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.9 فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟»10 فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ»
الديّن أمر فطري في الإنسان وُلد به مند البداية، وليس ظاهرة جديدة وعرض طارئ في التاريخ البشري
وهذا ما أكده الكتاب المقدس في رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية: “ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله “وأكد هذا المعنى كذلك القديس أوغسطينوس في تعريفه للإنسان على أنه: “صنع الله الإنسان على صورته لأنه أعطاه نفساً ميزها بالعقل والذكاء، ورفعه فوق سائر حيوانات الأرض والحياة والجسد التي ليست لها نفساً كنفسه“
تؤكد الأبحاث و الدراسات الاجتماعية الدينية، أن التدين صفة عامة لجميع البشر، قديمهم وحديثهم، وهو ما لخصته موسوعة، لاروس القرن العشرين، بالقول: “إن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية، حتى أشدها همجية، و أقربها إلى الحياة الحيوانية” “الدكتور محمد عبدالله دراز: الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
قال اللاهوتي الألماني رودولف أوتو في كتابه “فكرة المقدّس”
يبدو إذن أن التديّن هو غريزة ملازمة للإنسان منذ أن كان الإنسان إنسانًا. فما سبب وجود هذه الغريزة في الإنسان؟ في كتابه المهمّ “فكرة المقدّس”
“لقد وُجدت وتوجد جماعات إنسانية من غير علوم وفنون وفلسفات، ولكنه لم توجد قط جماعة بلا ديانة” فان الدين كان ملازما للإنسان مند البداية “هنري برجسون”
يقول جون ستيوارت أن “جوهر الدين هو الاتجاه القوي المتحمس للعواطف والرغبات نحو هدف مثالي يعتبر أسمى وأشرف من كل غرض أناني أو رغبة ذاتية “
في معجم (لاروس) ورد: “إن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى أشدّها همجية وأقربها إلى الحياة الحيوانية، وإن الاهتمام بالمعنى الإلهي،وبما فوق الطبيعة، هو إحدى النزعات العالمية الخالدة للإنسانية، وإن هذه الغرائز الدينية لا تخفى بل لا تضعف ولا تذبل إلا في فترات الإسراف في الحضارة وعند عدد قليل جدًا من الأفراد. ”
تسأل الفيلسوف الفرنسي”برتلم يسانت هيلار” فقال موضحًا: «ما العالم؟ ما الإنسان؟ من أين جاء؟ من صنعهما؟ ما نهايتهما؟ وما الموت؟ وماذا بعد الموت؟.. هذه الأسئلة لا توجد أمّة، ولا شعب، ولا مجتمع، إلّا وضع لها حلولًا جيّدة أو رديئة، مقبولة أو سخيفة، ثابتة أو متحوّلة ليرسّخ حقيقة أن ظاهرة الدين ملازمة للجنس البشري في التاريخ،التديّن كظاهرة اجتماعية ملازمة لللإنسان مند وجوده على الأرض “
ويقول: د. أحمد ياسين القرالة:
” ليس الدين بالأمر الطارئ على الحياة، بل هو قديم قدم الإنسانية، وليس هو بالغريب على النفس، فهي تعرفه حق المعرفة وتأنس بالقرب منه، وإذا كان وشواهده ولعل إشباع حاجات الإنسان الروحية وتحقيق أشواقه الوجدانية، هي أبرز وأهم وظيفة يؤديها الدين في حياة الإنسان، فالدين هو الذي يقدم للإنسان الإجابات المريحة لكل ما يدور في ذهنه وما يجول في خاطره من تساؤلات متعلقة بهذه الحياة وعن دوره فيها، وعن مآله ومصيره بعد انتهائها، وهذا بدوره يريح الإنسان ويخفف عنه عناء الحياة وصعوباتها، ويجعله يشعر بالسكينة والاستقرار فيتصالح مع الوجود. “
أهمية الإطلاع ودارسةالأديان
من الواجب علينا ان نعرف الآخر المختلف عنا رغم الاختلافات، فالاختلافات الدينية، حتى لا تتحول إلى مشاكل على الإنسانية، بما تسببه من حروب ونزاعات. تفرض علينا فهم الأديان الأخرى، والتعرف عليها عن قرب، والتواصل مع أتباعها. كما تفرض علينا الاعتراف المتبادل، وقبول الآخر. ،. وهذا كله لا يمكن أن يتم إلا من خلال الدراسة الموضوعية لمختلف الأديان،كما قال لأستاذ عبد الله الشرقاوي:.
” ارى كما يرى غيري من أهل العقل والحكمة إن أهمية دراسة الأديان لا جدال فيها، فالأديان تشكل المكون الأساسي من ميراث الإنسانية الثقافي والحضاري، ومن ثم فإنه لا يمكن فهم الحضارات والثقافات المعاصرة وقيمها ومفاهيمها ومواقفها إلا إذا فهمنا الأديان التي تنتمي إليها، لأن الدين أحد المحركات الرئيسية للجنس البشري“.(عبد الله الشرقاوي)
من الواجب علينا ان نعرف الآخر المختلف عنا رخم الاختلافات، فالاختلافات الدينية، حتى لا تتحول إلى مشاكل على الإنسانية، بما تسببه من حروب ونزاعات. تفرض علينا فهم الأديان الأخرى، والتعرف عليها عن قرب، والتواصل مع أتباعها. كما تفرض علينا الاعتراف المتبادل، وقبول الآخر. ،. وهذا كله لا يمكن أن يتم إلا من خلال الدراسة الموضوعية لمختلف الأديان.
إن دراسة الأديان تساعد في تعميق شعورنا بالتنوع والتعددية وتقبل الاختلاف، وعدم الإكراه وقبول الآخرين، والانفتاح عليهم والتواصل معهم، وفهم الأخر ، وإن كثيرا من المصائب، والكراهية والعداوة، والعنف والاضطهاد يأتي من الجهل بالأخر.
ظاهرة الدين في الحضارات القديمة
منذ أزمنة سحيقة ضاربة في القدم عرف الإنسان الدين من خلال تأمله بنفسه وروحه أو الأرواح المحيطة به، أومن خلال عاطفة كالخوف دفعته للبحث عن الأمان الدنيوي أو الأخروي أوكلاهما من خلال الطقوس الدينية التي مارسها، فلا تكاد تجد حضارة تخلو من معابد تمثل الحضور الفاعل للدين فيها.
وهذا الكلام يؤكده الواقع والتاريخ ، فكل الحضارات القديمة عرفت شعوبها الأديان، وتركت تراثا كتابيا ومعماريا مليئا بالمعتقدات والأساطير الدينية، مما يعني أن الدين كان عبر التاريخ أحد المكونات الأساسية في حياة المجتمعات، لم يستطع الإنسان الاستغناء عنه أبدا.
فحضارة بلاد الرافدين التي ضمت الشعوب السومرية والآكدية والأشورية والبابلية في الألفية الرابعة قبل الميلاد عرفت الآلهة المتعددة كثيرة العدد التي تتصف بالصفات البشرية بما فيها من ميزات وعيوب حتى أنها يعتريها الموت كما يعتري البشر وكان لكل آلهة وظيفتها الخاصة، واستمرت تعددية الآلهة إلى أن قُضي على الدولة السومرية واندمج السومريون مع الاكديون فظهرت فكرة الإله القوي المسيطر الذي قضى على الآلهة التقليدية وظهر جيل جديد من الآلهة. وهذه الفكرة تعد لعقيدة الإله الواحد.
وقد عبّر عن هذه الحقيقة أيضًا معجم (لاروس) للقرن العشرين بقوله: “إن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى أشدّها همجية وأقربها إلى الحياة الحيوانية، وإن الاهتمام بالمعنى الإلهي،وبما فوق الطبيعة، هو إحدى النزعات العالمية الخالدة للإنسانية، وإن هذه الغرائز الدينية لا تخفى بل لا تضعف ولا تذبل إلا في فترات الإسراف في الحضارة وعند عدد قليل جدًا من الأفراد.
خلال التطورات البشرية كان الإنسان يعيش مع جماعات بدائية تعيش على الصيد. ولقد ظهرت الديانات المنظمة والمعقدة حينما هجر الإنسان حياة الصيد البدائية واتجه نحو الزراعة.أما عندما تطورة الحياة الجديدة فقد ظهرت الديانة المنظمة .
التطور في الديانات من الإيمان بالأرواح إلى عبادة الظواهر الطبيعية من كواكب كالشمس والنجوم وعواصف وأنهار أو تقديس الأشخاص و وصنع الأصنام والحيوانات، فتعددت الآلهة بين آلهة الخصب وآلهة القوة وآلهة الحرب وغيرها، وكانت عبادتها تقوم على تقديم القرابين إليها لكسب رضاها .ثم بعد ذالك يأتي التوحيد في النهاية نتيجة لنضج البشرية.
وحين نطلع ونفحص التاريخ الديني نجد بأن الأديان تطورت تدريجيا، فبدأت بشكل بسيط وبدائ قائم على الإيمان بالأرواح و السحر و الأساطير و تقديس الطبيعة ، ثم في مراحل لاحقة تطورت الأمور إلى تحول بشر الى آلهة ، من الدين البدائي السحري تم ترقية السحرة إلى طبقة من الكهنة، و تحول السحر ليأخذ شكل طقوس دينية،. واستمر تطور الأديان مع تطور الإنسان نفسه.، وتنقسم إلى تقاليد وطوائف ومذاهب.
ترتيب الديانات من حيث العدد
على مستوى تصنيف الديانات من حيث الأوسع انتشارا، تأتى الديانة المسيحية فى المستوى الأول، حيث يؤمن بها وفق الأرقام التقديرية لتلك الدراسة ودراسات أخرى 2.3 مليار نسمة، بنسبة 31.2% من سكان الأرض، ويأتى بعدها الإسلام فى المرتبة الثانية بـ 1.8 مليار مسلم على مستوى العالم، بنسبة 24.1% من البشرية، فى حين تأتى الديانة الهندوسية فى المرتبة الثالثة ويدين بها 1.1 مليار نسمة مايعادل 15% من العالم.
وتمثل تلك الديانات التى يتخطى المؤمنين بها أكتر من مليار متدين، فى حيث تأتى باقى الديانات بأعداد أقل من المليار نسمة، ففى المرتبة الرابعة تأتى الديانة البوذية بـ 500 مليون بوذى، كما رصدت الدراسة فى المراتب اللاحقة من الترتيب أن هناك 400 مليون شخص فى العالم بنسبة 6% يمارسون طقوسا وديانات تقليدية، و58 مليون شخصيا يدينون بديانات أخرى مثل السيخية والبهائية، أما الديانة اليهودية فجاء المؤمنين بها بنسبة 0.2% من سكان العالم بعدد 14 مليون يهودى.
أما من لا ينتمون إلى ديانات على الإطلاق فجاء عدد 1.2 مليار شخص، أى أنه يمكن وضعهم فى المرتبة الثالثة بعد المسيحية والإسلام وفق التصنيف العددى، أما من حيث النسبة الكلية من السكان فنسبتهم 16% من سكان الأرض، ولا تعنى تلك النسبة أن جميعهم ملحدون، خاصة أن الدراسة أكدت أن كثير منهم يؤمنون بوجود إله لكنهم لا يمارسون طقوسا أو شعائر دينية.
“وكانت الديانة المسيحية الديانة الأكثر انتشاراً في العالم، حتى أن عدد أبتاعها تجاوز الـ 2.3 مليارات شخص عام 2015، ما يشكل (31.2% من سكان العالم)، تليها الديانة الإسلامية في الترتيب بأكثر من 1.8 مليارات مسلم، ما يعادل 24.1% من سكان المعمورة، وتحل الديانة الهندوسية في المرتبة الثالثة بواقع 1.1 مليار هندوسي، ووصل أتباع الديانة البوذية إلى نحو 500 مليون بوذي، وبلغ أعداد اليهود في العالم 14 مليون يهودي.
من جهة أخرى، خرجت دراسة مركز بيو للأبحاث أن 1.2 مليار شخص لا ينتمون لأي ديانة، ويشكلون 16% من إجمالي سكان العالم، واستدركت الدراسة بالإشارة إلى أنه «لا يعني أنهم كلهم من الملحدين (غير المؤمنين)، بل على العكس، أغلبهم أشخاص لديهم إيمان بوجود الله لكنهم لا يمارسون أي طقوس أو شعائر دينية محددة) .
المراجع
ar.wikipedia.org :www
alghad.com:www
مدينة الله، ترجمة يوحنا الحلو،
الكتاب المقدس
قاموس الكتاب المقدس
معجم لاروس